مالذي يجعل جُل العرب في عداء مستمر مع القراءة ؟ .. إليك أهم 4 أسباب

تفصل شعوب العالم العربي هوة شاسعة بينها وبين شعوب البلدان المتقدمة من حيث شيوع عادة القراءة، إذ يشير تقرير لمنظمة " الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم " (اليونسكو)، إلى أن كل 80 شخص من مواطني المنطقة العربية، يقرأون مجتمعين كتابًا واحدًا فقط في السنة، مقابل 35 كتابًا يقرأه المواطن الأوروبي.

مالذي يجعل جُل العرب في عداء مستمر مع القراءة ؟

وفي تقرير إحصائي حول القراءة، أصدرته مؤسسة "الفكر العربي" سنة 2011، يستثني قراءة الصحف والمجلات وتقارير العمل وكتب التسلية والكتب المدرسية، يظهر أن المواطن العربي يقرأ بمعدل ست دقائق سنويًا، بينما يقرأ الأوروبي بمعدل 200 ساعة في السنة الواحدة..!

لماذا لا يقرأ العرب ؟

أمام هذا الوضع، لا يمكن سوى أن نتساءل عن السبب الحقيقي، الذي يجعل جُلّ العرب في عداء مستمر مع القراءة. في الواقع، لا يبدو من السهل الوصول إلى الجذور الحقيقية لظاهرة انعدام القراءة في المجتمع العربي ، إلا أن هُناك أسبابًا ظاهرة دارجة، تُساهم في تنامي هذه الظاهرة.

1- الأمية

بلغت نسبة الأمية في مجمل الوطن العربي في سنة 2014 حوالي 19% من إجماليّ السكان، وبلغ عدد الأميين نحو 96 مليون نسمة.وكانت قد بلغت النسبة في سنة 2005 حوالي 35% من إجماليّ سكان المنطقة، وبلغ عدد الأميين 70 مليون نسمة، لتعادل النسبة بذلك ضعف المتوسّط العالمي في الأمية تقريباً، كما لا تزال نسبة الأمية عند الإناث ضعفها عند الذكور، وذلك وفق إحصائيات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو).

وعلى الرُّغم من أن نسبة الأمية في الوطن العربي تشهد تناقصاً مستمراً منذ سبعينيات القرن العشرين، إلا أن أعداد الأميين نفسها لا زالت في ارتفاع إلى الآن خاصة ما يحصل في العالم العربي من حروب.

2- الفقر

سلوك القراءة، بالرغم من أهميته في البناء الإنساني والحضاري، هو في الأخير نوع من الترف الفكري، مقارنة مع أساسيات الحياة، ولا يمكن أن ينتشر، إلا في مجتمعات الرفاه. أما بالنسبة للمجتمعات الفقيرة، فينشغل أفرادها عادة بتوفير ضروريات البقاء على قيد الحياة، من غذاء وملبس ومسكن.

3- ضعف المناهج التعليمية

من المعروف أن التعليم في الدول العربية يحتل مراتب متأخرة في التقارير الدولية التي تتطرق لجودة التعليم،بحيث لا توجد ولا جامعة عربية واحدة ضمن المراكز الـ 150 أولى عالميا بحسب تصنيف QS للجامعات العالمية "وهو منشور سنوي يعمل على ترتيب الجامعات بواسطة Quacquarelli Symonds (QS) ..

حتى صارت المسألة مسلمًا بها من طرف وزارات التعليم نفسها، بعد الفشل الذريع لكافة البرامج "البيداغوجية" التي حاولت إصلاح التعليم في الوطن العربي.

وبما أن هناك علاقة جوهرية بين نجاعة النظام التعليمي وسلوك القراءة، فإنه بالتأكيد سيرتد ذلك سلبًا على اكتساب عادة القراءة.

كما أن السلطات السياسية، مسؤولة أيضًا عن ضرورة توفير البنيات اللازمة، من معارض ومكتبات عامة ومراكز ثقافية، لتقريب الكتب إلى الناس بأبسط السبل.. وهذا ما يكاد يكون منعدماً تماماً.

4- عوامل ثقافية

في الواقع، قد تكون للأسباب التي ذكرناها آنفًا دور في النفور من القراءة، إلا أنها تبقى غير كافية في الحقيقة لتفسير المعدلات جد المتدنية لدى الشعوب العربية.

الأمر الذي يحيلنا إلى عوامل ثقافية مبطنة، قد تكون وراء غياب ثقافة القراءة لدى العرب 

بالإضافة إلى أعطاب في التنشئة لدى كل من الأسرة والمدرسة، بخصوص تعليم الأطفال ثقافة القراءة، إذ لا يحاول الآباء والمدرسون تحبيب ـ هذه العادة ـ إلى نفوس الصغار، مما يجعلهم يشعرون بالغربة تجاهها، بعد نضجهم.

يبدو إذن سلوك القراءة مرتبطًا بالبيئة بشكل وثيق، فكلما توفرت تنشئة أسرية ومدرسية سليمة، وبيئة مستقرة اقتصاديًا ونفسيًا، وثقافة جمعية غير عدائية، كلما طبع الناس أكثر مع الكتب، والعكس صحيح. في النهاية سنصل إلى أن السلطات السياسية للبلد تتحمل الحصة الأكبر من المسئولية في تسميم البيئة المحيطة بالناس، لتغدو غير صالحة لانتشار عادة القراءة بين أفراد المجتمع، باعتبار الدولة لم توفر الظروف الاقتصادية والتعليمية الملائمة لمواطنيها، لتعلم ثقافة القراءة.